ما هى اجابة سؤال (ماذا لو)؟




هل يمكن أن يتحول سؤال (ماذا لو) إلى (ما الفارق) .. نعم .. بل اننى اظن انها الاجابة الوحيدة لتكرار سؤال (ماذا لو) من غير عمل وتنفيذ ورؤية النتيجة .. ستقول لنفسك (ماذا لو سافرت) ثم تقضى سنوات تسأل السؤال دون محاولة جدية لجمع مال رحلة واختيار البلد واتخاذ اجراءات السفر .. سيتحول يقينا إلى سؤال (ما الفارق بين جلوسى فى المنزل وسفرى إلى امريكا الاتينية .. حتى اننى اظن ان الجو هنا افضل ولا يوجد فارق كبير بين الشوارع هنا وهناك) .. لقد قال أحدهم مرة ( ان جورجيا تشبه كثيرا جمصة عندنا) .. ولو لم أكن سافرت إلى جورجيا بنفسى لصدقته وزهدت فى التجربة بكاملها ..

يظل الانسان يسأل ويملك الفضول لفعل اشياء كثيرة .. وتحفزة الاحتياجات إلى اتخاذ قرارات أسرع .. كل هذا انت تملأ السيارة بالبنزين وتستعد للانطلاق إلى رحلة عظيمة .. لكن ما المشكلة .. الفرامل .. تلك التى تضغط عليها من وقت لآخر وتقف بالسيارة بلا سبب سوى الخوف .. كثرة الضغط على الفرامل يجعلك تشك فى جدوى الرحلة كلها .. فقد اجهدت نفسك فى النزول والصعود من العربة .. فى التفكير .. والقلق .. والصراعات الداخلية .. لقد تعبت جدا .. ولم تعد تملك من الحماس الذى كنت تمتلكه فى بداية الرحلة .. وامتلأت رأسك بأسئلة اخرى جحبت السؤال الاساسى .. افترض مثلا انك قررت أن تتزوج .. وعقدت العزم فى البحث عن عروس جميلة ترتاح إليها وإلى اخلاقها وأهلها .. ثم دخلت أكثر من بيت وكلما قابلت واحدة .. تملكك الشك والخوف من التجربة .. لا احبها .. اهلها طماعون .. صوتها بعالى .. واثقة فى نفسها بزيادة .. وضعت قائمة طويلة لم تكن فى بالك اصلا وانت تبحث عن العروس .. توقفت العربة كثيرا أثناء الطريق .. ثم انك تكتشف فى النهاية ان الزواج مسئولية وان بنات هذا الجيل (متدلعة) .. وان الافضل البحث فى اختيارات بعيدة عن واقع يديك .. البحث الالكترونى .. التقليب فى صور فتيات من الهند وباكستان واندونيسا .. تقول لنفسك (لقد فتحت لنفسى افاق رائعة من البحث والاكتشاف) .. والحقيقة انك بذلك تبتعد تماما عن اجابة سؤال بسيط .. انك كنت تبحث عن انسانة ترتاح إليها وترتاح إليك ثم تقرران معا التضحية وكسر جدار الانانية الذى تفرضه حياة العزوبية .. والذى بالتأكيد سينهدم تلقائيا بعد الزواج والانجاب.

الفكرة كلها هنا انك تقف على الشط .. ماذا لو حاولت العوم .. ماذا لو هاجمنى قنديل .. ماذا لو لم أستطع التقاط انفاسى .. وصوت أمك الحانى يناديك من ظهرك (لا تتهور) .. فيتصاعد شعور آخر من الرضا النفسى انك بار بوالديك .. والنتيجة انك لم تحاول قط عبور الشط .. ولا اجابة السؤال (هل يمكن الوصول لقرص الشمس أم لا) .. هل تظن أن من خاض البحر هو إنسان ولد بطلا مغامرا شجاعا .. ان الخوف هو شىء اصيل فى النفس الانسانية .. كلنا يخاف .. ولكن الجبان فقط هو من لا يتجاوز مخاوفه .. هو من يكتفى برسم خيالات مخيفة ويعتبرها حدثت بالفعل .. فيمتنع عقله تلقائيا من التفكير فى المحاولة أو ايجاد حلول .. لكنى هنا لا اتحدث عن اللحظة الحالية .. تأكد انك الان لا تشعر بتأنيب ضمير جارف من تقصيرك فى اجابة (ماذا لو) .. لأنك ترى العمر طويل والشباب والقوة بين يديك .. ولا تتخيل ابدا ان العمر يمضى .. والشباب يقصر .. وان ما تستطيع فعله اليوم قد لا تستطيع ابدا فعله غدا .. انى فعلا لا أفهم لماذا ننظر للعمر نظرة أبدية وقد رأينا جنازات الموتى حولنا من حين لآخر .. لدرجة انى حضرت ثلاث جنازات فى أقل من سنة .. حتى صار معنى الموت بالنسبة لى شىء عادى .. يحدث فى أى وقت .. وكنت اسأل نفسى يا ترى ما هو الندم الاكبر فعلا .. هل الندم على انك لم تسافر .. او تعمل فى المهنة التى تحبها وترضيك .. أو الحب والزواج .. أم ان هذه كلها أمور لن تشعر بها بعد الموت .. وستعض اناملك من الندم حقا على تقصيرك فى حق الله سبحانه وفى معرفته وطاعته وفى بر والديك.


هذه الحياة ليست جنة .. ولا المطلوب فيها ان نصل لشعور الرضا والسعادة الدائم .. لأنه كما قرأت فى كتاب (فن اللامبالاة) فإن السعادة هى حل المشكلات .. هى عمل استمرارى وفعل لا ينتهى إلا بنهاية الحياة الدنيا .. نسميها مشكلات .. نسميها تحديات .. المهم انها مكونات الحياة الاساسية .. وعليك أن ترضى تماما أن الحياة هى سلسلة مستمرة من حل المشكلات.

أقول لهولاء الذين يفكرون طويلا .. وكثيرا .. أنكم لن تتجاوزون ابدا أسوار افكاركم سوى بالتجربة والتنفيذ .. وبالألم الذى تخافونه .. هذا الألم هو الذى سيحفزكم على الحركة .. وعلى التغيير .. وانا اؤمن تماما انكم الان فى تلك اللحظة تتألمون .. تتألمون من عدم المحاولة .. من عدم التذوق .. من السجن .. انكم تتألمون فى كل الاحوال فلماذا لا نحاول أن نخفف عن الالامنا بالعمل على اهدافنا التى نتمناها .. حتى ولو عمل قليل يرضى ضمائرنا المتعبة .. ليس المطلوب منك قفزة كنجاروية استرالية .. مطلوب منك قفزة انسانية بما تملك من عقل وصبر وطموح .. وقد قال لى رجل ناجح جملة رائعة ( طالما أنت مخلص فى نواياك تأكد ان الله سيكون معك .. وانه ما يبارك عمل الانسان فعلا ليس اجتهاده وتعبه .. بل توفيق الله وبركة دعاء والديه).

No comments:

Post a Comment