تأملات فى قصة (مغنية الكورس) لأنطون تشيخوف




سأحكى لكم عن قصة قرأتها لانطون تشيخوف الاديب الروسى المعروف .. قصة بعنوان (مغنية الكورس) .. يحكى فيها عن رجل يدعى (نيقولاى) اخذ يتردد على بيت مغنية عاهرة (أوشا) كل يوم ويبادلها الحب .. ثم انه فى يوم زارتها زوجته فجأة دون ميعاد ونظرت إليها فى البداية بإحتقار واهانتها .. واخبرتها ان زوجها قد انفق مال عهدة لديه وانه مهدد بالسجن وتشرد الزوجة والاولاد .. واتهمت الزوجة (أوشا) بأنها السبب فى خراب بيته وانه كان ينفق ماله عندها .. كانت أوشا خائفة منها ومرتبكة بينما كانت السيدة تهينها حينا ثم تتوسل إليها حينا ان ترد لها الاشياء والهدايا التى أتى بها حتى تنقذه من السجن .. وفى النهاية هددتها ان تركع على ركبتها كى تعطيها الاشياء .. لم تحتمل (أوشا) ذلك واعطتها كل الهدايا حتى تلك التى لم يأت بها (نيقولاى) .. ورحلت السيدة وخرج الزوج وقد كان قد سمع الحديث كله .. القصة أنتهت ان الزوج قد غضب وبكى ألما أن رأى زوجته الشريفة الطاهرة تركع امام (أوشا) .. شعر بحقارته ان أوصلها لهذا الوضع وخرج من عند (أوشا) وهو يلعنها ويلوم نفسه ألف مرة على أوصل امرأته كى تركع أمام عاهرة.  

رأيت فى هذه القصة دروس جميلة .. منها أن الرجل مهما بلغ حبه لأمرأة سيئة السمعة ولهثه ورائها فأنه لا يقدمها ابدا على زوجة شريفة .. وان قيمة (العفة) و(الشرف) يتصدران مسابقات الجمال لدى النساء .. فكرت لماذا لا يكون الأمر للمرأة مثل الرجل .. لماذا لا تكون خيانة الرجل مروعة بل ومدمرة مثلها عنده .. ربما هى تحترق ألما حينما تعرف بخيانته لكن يمكن أن تسامحه وتقبل أن تقف بجانبه .. بينما الرجل لا يغفر ابدا هذا الأمر .. لا يعود .. ولا يسامح .. المرأة تشعر بأنوثتها وتحارب لأجلها لكنها فى ذات الوقت تقبل ضعف الرجل وتعتبر أن ضعفه هذا قد يحفزها للانتباه لأنوثتها أكثر .. لأن فكرة المنافسة عموما تستدعى دائما أن تكون فى حالة استعداد وانتباه .. وهذا شىء إيجابى وإن كان مؤلما .. وأنا لا أقول أن تحب المرأة رجلا ملتفتا لا يشبع .. بالطبع لا تتمسكى سوى بالامين الطاهر مثلك .. ولكنى أقول إن كان قد زلت قدمه فهذه التجربة الصعبة يمكنها أن تساعدك بأكثر مما تساعده ..

أما فى حالة الرجل فالأمر مختلف .. لأن الخيانة تعنى انه يمكن أن يربى ولدا غير ولده .. انه ينظر لأولاده فلا يطمئن إلى من يحمل أسمه .. فالامر فى هذا الحالة مؤذى للرجل وللمجتمع ككل .. لذلك ففى فطرة الرجل الأمر اقوى ألف مرة وغير قابل للتفاهم .. تحاول الافلام والتوجه الاعلامى ان تخمد هذه الفطرة وتعطى لها مسكنات قوية بإسم الحب والحرية .. لكن حينما يصطدم الرجل بواقع خيانته فعلا فأنه يثور ويتألم ألما لا حد له .. حينما أرى رجلا يتباهى بكم النساء اللاتى اوقعهن فإنى اتسائل حقا لماذا يظن ان الامر لا يمكن أن يحدث فى عقر داره؟ .. إذا كان هو قد استباح بنات الغير .. وزوجات الغير .. فلماذا يظن ان هذا لا يمكن أن يحدث معه؟ .. وقد قرأت قصة لرجل يحكى انه عندما خانته صديقته مع معلمها فقد شعر وكأنه قد تلقى مئات اللكمات فى بطنه دفعة واحدة .. ولايزال بعد سنوات طويلة يكرهها .. رغم انه رجل أمريكى يؤمن بالحرية وواعد الكثير من الفتيات .. إلا ان الأمر كان صعبا جدا بالنسبة له.

لذلك حينما اقرأ فى كتاب الله عز وجل وصفه للحور العين (كأمثال اللؤلؤ المكنون) .. لم يشبهها الله سبحانه بالوردة .. ولا بالقمر .. لكنه شبهها باللؤلؤ المحفوظ داخل صدفة مستورة عن الاعين ... ووصفهن ايضا (قاصرات الطرف) يعنى لا ينظرن لغير أزواجهن ... وانى اؤمن ان المنهج الربانى هو الذى يجعل الانسان يكتشف نفسه جيدا .. ويعرف أفضل ما فيه .. ولذلك حينما يمدح الله سبحانه هذه الصفات ويأتى بها مع جمال الشكل دائما .. فهى جزء من الجمال لا ينفك عنه.


حينما أركب عربة المترو وانظر للفتيات والنساء اجدهن لا يختلفن ابدا فى الاهتمام بالجمال .. كلهن .. السمراء والشقراء .. والسمينة والنحيفة .. والفقيرة والغنية .. كلا بحسب مقدرته .. اشعر وكأننى دخلت حديقة ورد واجد ان تلك المهملة فى نفسها .. لا تهتم بنظافتها ولا هندمة ملابسها ولا نضارة بشرتها أقرب لمخلوق بلا طابع معين .. لا انثى ولا رجل .. انها تعيش بلا روح حتى وإن اعطت وقتها للعمل أو المذاكرة أو أى عمل نبيل آخر .. إن جمال الشكل جزء أساسى من تكوين الانثى .. ولكن حينما أيضا أرى فتاة تلبس الضيق وتتسكع فى مشيتها فإنها تخبر الناس جميعا(انا مشروع عاهرة) .. ربما تعتبر بعض الفتيات أن نظرات الرجال هى ضمان انوثتها لكنى اريد ان اصارحك بشىء .. انهم ينظرون دائما .. لو مرت قطة متشردة من امامهم سينظرون .. إن هذا يدل على عيب فى نفسه وانك رخيصة فى نظره وليس انك جميلة .. واننى هنا لا اتحدث عن نفسيات الرجال وأفكارهم فدائما أقول أن ليس من أولوية المرأة ان تدرس وتحلل الجنس الآخر بقدر ما يهم نظرتها لنفسها .. واحترامها لنفسها .. وتقديرها لأنوثتها .. لو فهمت حقا ان الانوثة هى جمال الشكل والعفة والحياء والستر .. لكفاك أن تجدى نفسك وتهتدى للأنثى التى بداخلك ولا يهمك بعدها أحدا.. وانى أرى أن اول الطريق يبدأ من قول الله عز وجل (قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن).  

No comments:

Post a Comment