متى يعرف الانسان انه يسلك الطريق الخطأ؟
سمعت مقولة لدكتور ابراهيم الفقى
رحمه الله أعجبتنى كثيرا (حينما تجد الباب مقفول فأعلم ان الله سبحانه يفتح لك باب
آخر.. الأشخاص والأماكن والأشياء موجودة فى مراحل مختلفة من حياتك وليست دائما
موجودة كى تكمل معك الطريق لنهايته .. وأن خطأ الناس وتعاستها أنها تصر على طرق
الابواب المغلقة رغم انها لو ألتفت وحركت مقبض الباب الجديد لوجدته أنفتح بسهولة).
كنت اتسائل متى يعرف الانسان انه
يسلك الطريق الخطأ .. انه يريد مرجع قوى وصادق وحكيم .. مرجع يعرف المستقبل ويرى
بين الغيوم نهاية الطريق .. لكنه حينما يلتفت لا يجد أحد حوله يملك تلك النظارة ..
يتكلمون بأفواههم كلاما لا يتجاوز سمعك .. كلامهم لا يجد صدى فى قلبك ولا منطق يرضى
عقلك .. لذلك فإنى لا اؤمن بنظرية التيار الجارف .. أن تمشى معه حتى تجد الامان ..
فحينما التفت للسمك حولى أجده تعيسا .. ينظر بشرود وقلق للمستقبل .. وكأنه ينتظر
الايام كى تأتى وتأكل عمره الباقى ... وكأن يجره قطارا.. انى اسمع كلمات السخط
الملفوف بالرضا المزيف .. كلمات من الدين وهى ابعد ما تكون عنه.. وكأن الدين جاء
كى يلقى الناس بمسئولية اختيارهم على شماعة القدر .. مع ان القرءان يمتلىء بكلمات
الجهاد والدفع والسير والتمسك .. (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) .. (قل
سيروا فى الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق) .. (ادفع بالتى هى احسن فإذا الذى بينك
وبينه عداوة كأنه ولى حميم) .. (وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم
بقوة) .. هل يبدو لك ولو لوهلة أن هذا دين استسلامى؟ .. يدعو لترك نفسك حتى يسحبك
التيار .. أم انه يحضك على المجاهدة والمقاومة واختيار الطريق بكامل قوتك .. فأول شىء فى عقول الناس يجب ان يتغير .. أن
يعرفوا ان استسلامهم ليس تدينا إنما فى حقيقته جهل بدين الله سبحانه.. فإذا ما
فهموا ذلك تحرروا من أول قيد أحسبه يلتف بقوة حول عقولهم ويطرحها أرضا .. وهو قيد
التدين المزيف.
القيد الثانى يتمثل فى مقولة
الفيلم (H دبور) الشهيرة .. (اعمل الصح) .. (أيوه يعنى
أعمل ايه) .. فيردد الرجل ثانية (أعمل الصح) .. فتصرخ انت: (اعمل ايه) .. تود لو
كُتبت الاجابة واضحة على السبورة .. تأتيك فى الحلم مثلا ... ترتسم السحب على هيئة
كلمات واضحة .. لكن هذا الانسان المادى الذى يظن ان الاجابات يجب ان تكون مكتوبة
بخط عريض واضح .. انك تشبه كثيرا بنى اسرائيل الذى قالوا لموسى عليه السلام (أرنا
الله جهرة) .. وكأنهم حينما يرون الله سبحانه سيؤمنوا مثلا .. انظر كيف رد الله
سبحانه علي هذا النوع من الناس .. او على هذا الجزء المادى الثقيل فى الانسان فى
آية اخرى (ولو فتحنا عليهم بابا إلى السماء فظلوا فيه يعرجون .. لقالوا إنما سُكرت
ابصارنا بل نحن قوم مسحورون) .. إذا الايمان لا يستدعى ابدا ان ترى بعينك .. يمكنك
ان ترى الايات كلها ثم لا تؤمن .. ويمكنك ان ترى آية صغيرة جدا .. فى خنفساء سوداء
.. فى غروب الشمس ويمتلىء قلبك بالايمان .. لأن الانسان ليس من الطين فقط ..
الانسان يملك روح بها من الذكاء والنور ما لا يعرفه الطين .. بل ان الروح هى التى
تمد هذا الطين الثقيل بالحياة اصلا .. فعليك ان تعول كثيرا على هذه الروح .. وهذا
القلب .. وأن تصدق انك تملك ملكات للفهم غير السمع والبصر .. وانهما ادوات تعين
على الفهم .. وإلا فهل يمكن أن نقول على الاعمى أو الاصم انه لا انسان .. وانه لا
يملك اى وسيلة للفهم .. كلا بالطبع.
إذا نحن نثق ان هناك أدوات اخرى
للفهم .. وأن هدى الله سبحانه وجنده يمكن ان يكون أى شىء .. ستبدأ فى الفهم حينما
تؤمن اولا ان الله سبحانه هو القيوم على عباده .. والعليم بأحوالهم .. والحكيم
الذى يعرف الخير لهم .. حينما تؤمن بذلك ستفهم الرسائل جيدا .. قد تجد رسالة على
هيئة ألم نفسى يحدث .. أو بدنى .. أو باب مغلق بإحكام .. انها اشياء جميعا مؤلمة
.. لكن ألا ترى انها منبهات تخبرك ان هناك خطأ فى حياتك .. مسار غير صحيح .. ألم
يقل الاطباء أنه لولا الألم ما أدرك الانسان المرض وحاول العلاج .. إذا اخرج من
فقاعة (انا اتألم) وانظر لحكمة ذلك .. حينما يشتكى انسان من الابواب المغلقة .. هل
حاولت فتح باب آخر .. هل سألت نفسك إذا كان ما وراء الباب المغلق شىء تريده بالفعل
وتؤمن به .. أم انك تطرقه لأن الناس جميعا تفعل .. لو كنت تؤمن به سيٌفتح الباب
يقينا .. ولو كنت تصرخ امام الباب كالاطفال لمجرد انك تريد الدخول فسيظل موصدا حتى
تفهم الرسالة.
تجربتى الشخصية مع الابواب المغلقة
كانت طويلة الامد .. ربما تتجاوز العشر سنوات .. ما بين طرق ويأس وتفكير ومحاولة
لفتح أبواب أخرى .. ما رأيته فعلا ان الباب المغلق يكون مواربا ويسمح لك بالدخول
قليلا .. لكنه يرتفع للسماء فى وقت معين .. وكأنه يخبرك بكل وضوح تفضل بالرحيل ..
أرحل .. ليس هذا طريقك .. سواء فهمت هذا مبكرا أو بعد سنوات .. فإنك ستتبينه تماما
.. وحينما التفتت إلى الباب المفتوح .. المسار الآخر وجدته مفروشا بالورود .. لا
أعنى انه سهل ابدا .. ولكنه مبشر.. ويسعدنى
.. ويتوافق مع مبادئى ورسالتى فى الحياة .. ان صعوبته تدفع بداخلك بالمزيد
من الدماء الحارة كى تتحداه .. ولم يكن هذا ليحدث أمام الباب المغلق.
صعوبة أن تسلك مسار جديد هو المطبات
النفسية وليس الطريق ذاته .. لأنى أرى ان الطريق يكون بالفعل ممهد داخلك .. وتوفيق
الله سبحانه وكرمه لا حد له لو أخلصت النية وجردتها من الطمع وحب الشهرة والتميز
وما إلى ذلك من نوايا تافهة .. ستجد انك ترمى بذرة صغيرة فتصير شجرة وترمى بجذورها
فى الأرض .. لكن المطبات النفسية من شك وخوف وتردد هى التى تؤخرك سنوات عن اتباع
الطريق الصحيح .. وقد رأيت رسم معبر يصور الانسان حين يخرج من المنطقة الأمنة إلى
منطقة جديدة فإنه يلاقى اهتزاز الثقة والتأثر برأى الاخرين والرغبة فى الفرار ..
لكنه ما أن يثبت قدميه حتى يدخل أرض جديدة مليئة بالثقة والسعادة .. يشبه هذا
الأمر الرحلات البحرية واكتشاف القارات الجديدة .. بالتأكيد تتوقع أمواج عالية
وليل دامس وأصوات رعد مرعبة.. ولكن الله سبحانه يبارك وينجى اصحاب النية الصادقة
والهمم العالية.
No comments:
Post a Comment