ما هو أحلى نجاح يمكنك تحقيقه؟





لو تركت النفس لهواها لفعلت كل شىء خطأ .. لأكلت الحلويات بدلا من الفاكهة .. لأستسلمت للنوم بدلا من العمل أو المذاكرة .. لفضلت الجلوس والثرثرة الفارغة على القيام للمشى وضبط الصحة ... ستفتح التلفزيون بدلا من قراءة كتاب .. ستأكل كثيرا بدلا من أن تشرب .. اننى استغرب هل تريد هلاكى .. أليست هى بضع منى وسعادتها فى سعادتى .. فلماذا هى حمقاء .. عمياء .. لا ترى أثر ذلك كله على المستقبل .. انها لو امتلكت بعض من الحكمة لرأت انسان ممتلىء ثقيل الحركة ملىء بالترهلات .. وحيد منبوذ بسبب ما أحدثته ثورات غضبه وانفعالاته من خسارة الناس .. ضيق أفقه وتفكيره وحتى إحساسه بسبب قلة القراءة .. ألا تعرف أن محصلة هذه العادات السيئة التى تحاول دوما ان تقنعنى (خليها بس المرة دى) .. أن محصلتها ستؤدى حتما إلى هذا المصير .. وانها لا تكف عن الزن .. وعن الاستسلام للكسل والرغبة ... تبدو لى كطفل صعب المراس .. طفل لابد من تربيته وإلا شب وهو يقرعنى بالعصا ويصرخ فى وجهى.

لقد أدركت النفس لابد لها من مجاهدة .. بل أن الجهاد الاكبر فيها.. قد تقول ولكنها أنا فلما أعذبها؟ .. هل توجد أم تكره أولادها .. أو تريد بهم الشر .. هل يمكننا أن نتهم أم تعاقب أبنها انها قاسية .. بل انها لو لم تفعل ذلك لقلنا عليها مهملة .. وانها تفرغت للنوم بينما أولادها يشبوا على سوء الخلق .. لذلك فإن حرمان النفس أحيانا يجعلها تنتبه إلى وجود سلطة عالية تتحكم بها .. هذه السلطة ستربيها وتجعلها تعتاد بل وتحب كل ما ينفعها .. سيجعلها تشرب الشاى بلا سكر .. تمشى فى اليوم ساعة ... تستيقظ بنشاط فى الصباح وهى تخطط ليومها .. جعل الله سبحانه النفس كقطعة الصلصال تتشكل بأمر صاحبها .. قال الله سبحانه (ونفس وما سواها .. فألهمها فجورها وتقواها .. قد أفلح من زكاها .. وقد خاب من داسها) .. والتربية أمر ممتع .. أن ترى شىء ليس له هوية ثم تكون أنت سبب تشكله وتكون هويته .. أنك قمت بدور عظيم وربيت ابن غالى عليك ..  فكيف يمكن التعليم والتربية؟

هل يكون بقرع العصا .. بالدايت القاسى .. أو العمل حتى الثلث الاخير من الليل .. أو ملء خانات اليوم بخطة تسد مسامه تماما وتصيبك بالاختناق .. لقد فشل كل هذا فشلا ذريعا .. والنماذج التى نجحت بهذه الطريقة لم يستمر نجاحها .. لأنها كانت تريد نجاح وقتى فحصلت عليه .. ولو كانت تريد الإصلاح التام لحصلت عليه ايضا .. لقد سمعت مقولة ووجدتها حقيقية تماما (ان الانسان يحصل على ما يريد بالضبط .. لو أراد الشر سيصل إليه .. ولو أراد الخير لهُدى إليه .. لو أراد الحب سيحصل عليه .. وانها مسألة صبر حتى يرى بعد عمر طويل نتيجة ما اختاره) .. ربما لأننا داخل الفقاعة لا نرى .. حينما تكون فى شبابك تغتر بالقوة .. والصحة .. والاحتمالات الكثيرة التى تجعلنا لا نرى نهاية كل طريق اختارناه .. لكن الحقيقة الكونية الواضحة فى كل شىء .. أن المبنى الذى بُنى على اساس ضعيف .. ومبعثر .. وبأيدى عمال غير مخلصين ولا جادين .. فإن عمره قصير وسكانه خائفين.. وأن المبنى الذى بُنى على عجل وفى وقت قصير عرضة لأكتشاف أخطاء بناء قاتلة فيه .. أو اكتشاف تصميم مشوه .. فالصحيح ان المبنى بحاجة إلى تخطيط جيد فى البداية .. وإلى وقت كافى لوضع الحديد والطوب والارتفاع بالادوار .. لذلك فإن أفضل طريقة لتربية النفس هى التعود البطىء .. والتركيز على هذه العادات البسيطة واعتبارها نجاحا حقيقيا .. نجاح يفوق بكثير أى منصب عالى تطمح إليه .. أو شكل تود أن تكون عليه .. لأنه يمثل نجاحك فى التربية .. وفى إستمرارية هذا الابن على ما عودته عليه من عمل صالح ينفعه ..

النجاحات الخارجية لها طعم يزول فى لحظات .. ربما يزول بعد قطع التورتة وفك البلالين .. لكن النجاح الداخلى لا يعرف كم سعادته سوى الله ثم أنت .. نجاحك فى ترويض نفسك على الاكل القليل .. أو كظم الغضب .. أو العطاء بعد إعتياد البخل ..ليس هناك كم من التصفيق والثناء كافى كى يكافئك على ما فعلت.. وليس هناك من يهمه اصلا ..  لكنه رب العالمين الذى يريدك افضل نسخة من نفسك .. ومكافائته بالبركة والثواب وإمدادك بالسعادة والحكمة لهى كافية جدا.

No comments:

Post a Comment