خواطر الفجر
كان أمامى مربع ملىء بالاشجار التى
تزينت بالاحمر والاخضر وكلاب تتسكع وقطط تتقافز هنا وهناك .. كان مشهد جميل اثار
بداخلى سؤال .. يا ترى كم كائن يقطن هذا المربع .. كم قطة وكلب وورقة شجر وحشرات
وفئران وكائنات تحت الارض لا اراها وعصافير مختبئة فى الشجر واناس مستترة وراء
الجدران .. فى مربع سكنى لا يتعدى مد البصر يسكن الالاف الكائنات التى يرعاها الله
ويرزقها ويحفظها ويمدها بالحياة والمدد ... حسنا كم كائن يتعدى حد البصر .. كم
كائن فى الارض وما عليها وفى السماوات .. كل هولاء فى يد الله عز وجل .. كم هو عظيم
واسع .. كم هو كريم .. رحماته تتنزل فى كل وقت على كل كائن فينا .. لا يغفل عن احد
ويرزق كل احد .. لماذا لا استطيع ان ارى ذلك الجمال والهيبة كل يوم .. لماذا اسكن
وراء جدران سميكة من الخوف والهروب لمشاغل الحياة ..هذه الجدران التى تمنعنى من ان
ارى نعمة الله عز وجل .. وان اشعر ليس فقط بنعمة هذا الجمال .. بل بنعمة البصر
الذى يراه اصلا الحمد لله .. كيف انتبه لحبة ظهرت فى وجهى واتضايق واسخط بسببها
ولا انتبه لعينى التى ارى بها كل شىء .. كيف يمكن لشىء تافه وصغير ان يعمينا عن
رؤية نعم الله سبحانه.
كنت اسمع جملة رائعة قالها الجعفر
الصادق .. قال (لقد وعد الله عز وجل الناس بالرزق 90 مرة فى القرءان .. ووعد
الشيطان مرة واحدة حينما قال عنه الله سبحانه (الشيطان يعدكم الفقر) .. فكذب الناس
الحق وصدقوا الكذوب) .. لماذا يصدق الناس الشيطان .. يصدقوا انهم سيمرضون ..
سيفقدون .. سيتعسون .. سيتألمون .. لماذا .. من الذى ادخل فى رأسهم تلك الفكرة ..
والاهم .. لماذا صدقوها .. رغم كل ما يقوله الله سبحانه فى القرءان من رحمة ونعم
ورزق .. فالكثير من الناس لا يرى سوى اوهام خوفهم .. والنتيجة انه يعيشون حياة
طويلة مديدة تعساء حقا .. وتعاستهم كانت ببساطة لأنهم انشغلوا بالخوف اكثر من
الشكر.
يجب ان تعرف ان مراد الله سبحانه
من النعمة ليس ان يسلبها منك .. إنما ان تستمع بها وتحمده عليها .. لأنه كريم يعطى
بلا حساب .. وقد وعدك كلما قلت (الحمد لله) كلما زادك (ولئن شكرتم لأزيدنكم) ..
هكذا ببساطة .. نعم ..ولكن ما يجعل الامر صعبا هو الشك فى ذلك والغفلة عن الذكر .. فيصبح كل شىء صعب .. وقاتم
.. لأنه معجون بوساوس الشيطان الذى انفرد بك حينما تركت ذكر الله عز وجل .. معادلة
سهلة (فإذكرونى اذكركم واشكروا لى ولا تكفرون).
كنت اتأمل لحظة الشروق ونادرا ما
افعل فى القاهرة .. لما ارها منذ زمن فرأيت قطعة من النور تظهر وراء المبانى .. ثم
توالى الظهور .. مشهد رهيب فى الجمال .. تسائلت ما الذى يمنعنى ان انزل واراه كل
يوم .. ان استيقظ باكرا فى الفجر وارى الشروق واتناول فطورى وانزل للعمل ..
الشوارع مغسولة بماء الندى ونفس الصبح الجميل .. ما الذى يمنع ان نعيش كما خلق
الله الكون ونتماشى مع سنته حتى نستمتع اكبر الاستمتاع بخلقه .. لقد رأيت قول الله
سبحانه (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار .. واتاكم من كل ما
سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار) .. لم يحرمنا يوما
من الشمس .. لم يحرمنا يوما من الامل .. كذبت كل توقعات المتشائمين والخائفين
والشاكين .. كذبوا جميعا وصدق الله ..
No comments:
Post a Comment