كيف تخرج من علاقة مريضة؟
يمكن أن يوجد فى حياة الانسان
علاقة مريضة تفسد عليه حياته وتشتت انتباهه وتعكر مزاجه طويلا .. وقدرة الانسان
على التخلص من هذه العلاقات تختلف من شخص لأخر .. هناك من يتحمل العلاقات المريضة
لأنه لا يتحمل فكرة فقد انسان ظل يحبه سنوات طويلة وبينهما ذكريات وأماكن ومشاعر
حلوة .. ولكن تحمله لا يعنى انه غفر وسامح بل لأنه غير قادر على الفقد .. هذا
النوع يزداد بداخله البغض للطرف الاخر ويساهم بنفسه فى إحراق كل ذكرى بينهما ..
ولو أنه خرج من هذه العلاقة فى الوقت المناسب لكان أحتفظ ولو بصورة واحدة تجعله
يحن ويعود يوما ما .. وهناك نوع لا يتحمل أى علاقة بها أذى نفسى .. انه يريد
التخلص من الالم حتى لو كان الامر معناه أن يلقى بزجاجة عمرها سنوات فى البحر .. يدفنها فى مكان مجهول .. أو حتى يحرقها ويستمتع بالنظر إليها والنار تأكلها ..
انه لا يهتم إلا بشىء واحد .. أن يتخلص من الألم سريعا لأنه لا يتحمله .. والحق
ليس لأنه جبان ولكن لأن قدرة انسان على تحمل ألم نفسى تختلف من شخص لأخر .. يمكنه
أن ينقلب مع بعض الناس إلى الالام جسدية مبرحة وبالتالى فلا علاج هنا إلا قطع السبب فورا ..
وهناك نوع أخر يلعب بذكاء ..
وذكائه نابع من انه دائما يضع الاشياء فى مواضعها الصحيحة .. فلو انك ركبت قطعة
بازل فى المكان الخطأ لتشوهت الصورة وصارت بلا معنى .. هولاء الماهرون لا يفعلون
اكثر من تغيير رقعة البازل من حين لآخر .. يقربون ويبعدون الناس بحسبة فى عقولهم
.. يمكنهم ان يحتفظوا بالعديد من الاصدقاء ولكن هذا صديق فى خانة وهذا فى خانة
أخرى .. ولا يظل فى خانة طويلة من لا يستحق المكوث .. يعرف جيدا ان أهم انسان هو
نفسه وانه يجب ان يبقى عليها سعيدة صحيحة منتبهة .. ويجب أن يكون الاقرب لها هو
خالقها لأنه بالفعل الاقرب (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) .. يعلم جيدا انه طالما
علاقته بربه جيدة وفى تواصل وقرب مستمر فهو بخير تماما واى شىء دونه يمكن أن ينصلح
.. هذا الانسان محصن ضد غارات العلاقات الانسانية .. ضد اذاها ومكرها وخيانتها ..
الحب يخرج من قلبه أكثر مما يدخل .. انه يريد ان يعطى الحب لا أن يأخذه.. انه
يسامح ويغفر ولما لا يفعل وربه راضى وربه غفور رحيم .. انى لا ارى بلسما شافيا
للقلب من جروح البشر سوى القرب من الله سبحانه .. حبه كافيا جدا ويروى ظمأ العطشان
والحيران والمحتاج .. لذلك هذا الانسان لا يتأذى فى علاقة بالقدر الذى يتأذى به
غيره .. لأنه اتخذ الله سبحانه رفيقه وحبيبه وقوته وسنده .. لذلك فهذا الانسان قد
بدأ لعب رقعة البازل بالشكل الصحيح .. وأى ترتيب اخر سيكمل الصورة ... لماذا ..
لأنه سيحرص ان يكون فى الدائرة القريبة من يدعوه إلى الله ويأخذ بيده .. وهذه
علاقة لا يستطيع الشيطان ان ينفث فيها سمه إلا إذا تحولت إلى علاقة دنيوية .. لقد
رأيت المتحابين فى الله يحرصون على بعضهم ويتسارعون للخير والمساعدة بل يكونون احيانا
اكثر اخلاصا من الاولاد .. لأنهم يعرفون انه حب صافى عالى لا يمكن ان تصل إليه يد
الشيطان ابدا.
العلاج الفعال لألم العلاقات هو حب الله اولا والتعلق به .. لأنى وجدت ان التعلق بغيره يسعد القلب حينا ويؤلمه
سنوات بعدها .. قابلت مرة احد النساء تحكى بحرقة عن اخواتها الذين ظلت تحسن إليهم
عشر سنوات وتبيع الذهب كى تنفق على اولادهم .. وحينما انعم الله عز وجل عليها
بالولد تنكروا لها وجحدوا فعلها .. وجدتها تحكى بحزن وألم شديد جعلنى اقول لها (لو
انك فعلتى هذا لوجه الله لما حزنت ابدا ) .. لأن الله سبحانه لا يضيع عمل مخلص له
بل رأيت ان العمل المخلص الصغير يتحول لنبتة كبيرة ويبارك فيها بشكل لا يصدق.. والانسان يحب أن يرى عطائه يُرد .. حبه يُرد ..
فلو انه يتعامل مع البشر فليقبل ان يتعامل بقوانين ضعفهم وتغيرهم الحتمى بمرور
السنين .. ولو انه تعامل مع الله عز وجل الذى يغير ولا يتغير فقد ضمن لنفسه رد
الكريم .. الذى إذا أعطى أدهش.
No comments:
Post a Comment