كيف قرأت اسم الله الرحمن لأول مرة






اعتدت منذ زمن ان افسر العلاقات بالمقابل .. (اعطينى واعطيك) .. ولذلك لكثرة ما رأيت من انانية وقسوة العمل والصداقة والعلاقات الانسانية  عموما .. ان الناس تنظر لمن أمامها وتقيم قدر استفادتها ومصلحتها الشخصية  .. فإذا كانت العلاقة متساوية وهناك (هات وخد)  حتى ولو على الجانب المعنوى فلنكمل .. غير ذلك فلا حاجة بىى فيك .. هذا الامر جعلنى شيئا فشيئا يتزايد بداخلى شعور الخوف ... الخوف اننى حينما اقع لن يقف بجانبى احد .. فالناس ترافق وتحترم وتحوم حول القوى فقط .. اما لو ضعفت فأنت فى طيات النسيان ... ولكنى لم أجد يوما هذا الامر مع ربى وذلك ما جعلنى احبه حبا عظيما .. اننى كلما  لطمتنى الحياة وذهبت إليه وجدته موجودا .. يربت على ظهرى ويداوى جرحى ويرسل الى رسل سواء من البشر او الحياة .. يخبروننى ان اطمئن واهنأ بالا .. ثم يكشف الكرب وانساه وتمضى الحياة وكأنه لم يكن ... ولكن لأننى كنت جاهلة ظل شعور الخوف موجودا .. لإننى لم استطع ان افسر لماذا يفعل الله ذلك ... لأن تعريف العلاقات والأمان داخلى تشوه بتشوه نفسيات البشر .

ثم شاهدت مقطع فيديو لنعمان على خان يتحدث فيه عن أسم الله (الرحمن) ..  ذكر ان الرحمة اشتقت من الرحم .. حيث يمكث الطفل الصغير فى بطن أمه ترعاه وتحفظه وتطعمه .. حيث تحميه وتضحى من اجله .. وليس معنى الرحمة كما هى ترجمتها فى اللغة الانجيلزية ان شخصا ما كان متوقع منه ان يعاقبك ثم عفا عنك فنقول انه رحمك ... لا ..إنما معنى الرحمة هو الحفظ والعناية التامة بك.

ولله المثل الاعلى .. تذكرت أبى رحمه الله .. ان أبى كان يقبل ان أكون فى بينه وآكل من طعام اشتراه بماله .. وأنام على سرير  يملكه .. ولم يقول لى يوما (اخرجى بره البيت) .. او يُلقى بى الى الشارع .. رغم انى لم اكن ادفع له مقابل إقامتى او طعامى .. وكنت افعل ما بدا لى دون شعور بالخوف يوما ان يطردنى ... فلماذا كان ينفق على؟.. ويقبل وجودى بل بالعكس لو تغيبت يقلق ويبحث عنى .. ما الذى يجعل انسانا يفعل ذلك؟ .. فأدركت ان هذا العالم المادى الذى غرقنا فيه جعلنى انسى ان هناك علاقات ومعانى نراها ولا نراها .. ومنها الابوين اللذين هم جزء صغير من رحمة الله التى وسعت كل شىء.

إننا فعليا لا نحتاج للعمل او للمال  كما نظن .. لأننا نملك ربنا يأوينا ويطعمنا ويحفظنا .. ربا يجعل الخلايا الموجودة فى اجسادنا تقوم بمهامها  .. وهى مهام دول العالم الان تنفق مليارات المليارات كى تحارب شىء صغير  يهاجم تلك الخلايا وتقف امامه عاجزة .. فالرحمن لا يرزقنا لأننا نستحق .. لأننا اجتهدنا .. او اننا  اذكياء واقوياء .. او اننا  فعلنا امورا طيبة .. بل يرزقنا لأنه الرحمن ... وهذا يجعلنا نطمئن تماما كإطمئنان الطفل فى بطن أمه .. هل راوده شك يوما ما ان الطعام لن يأتيه .. او انه سيموت مخنوقا .. انه يتلقى العناية اللالهية دونما تفكير .. ربنا طلب منا العمل والسعى لأنها سنته الكونية .. وليس لأنه يريد عذابنا او تكدير صفو حياتنا او اذلالنا لغيرنا .. بل لأنه يعلم ان العمل اصلا يمتعنا والمعرفة تروى ظمأنا والاحسان يسعدنا .. فكل عملنا  اصلا لنا .. وهذا الامر الثانى الذى كنت لجهلى لا استوعبه جيدا .. ان اوامره ونواهية لى وليست له .. وانه حينما يأمرنى بالحجاب او الصلاة او اتقان العمل أو الانفاق فهذا كى اصبح سعيدة وآمنة ... لأن البديل الاخر هو العيش فى بيئة مليئة بالفساد والخيانة والكذب والقلق والفقر .. وهو ما حدث بالفعل مع المجتمعات التى اختارت ان لا تثق فى رحمة الله.

No comments:

Post a Comment